العاشق الفلسطيني في حضرة الغياب
عصيُّ على الغياب
فقد شعبنا العربي الفلسطيني، والإنسانية كلها، أمس، شاعرًا كبيرًا، وإنسانًا كبيرًا.. فقدت الثقافة العربية والعالمية معلمًا من معالم الشعر العربي الحديث.. وفقدت الثقافة الوطنية الفلسطينية ركنًا مؤسسًا منها، برحيل الشاعر محمود درويش المفاجئ، بعد تدهور وضعه الصحي إثر عملية دقيقة خضع لها في أحد مشافي الولايات المتحدة الأمريكية.
توقف قلب محمود درويش عن الخفقان، أمس، بعد 66 عامًا من ولادته على أرض البروة، على هذه الأرض التي عليها ما يستحق الحياة، فعاصر نكبة شعبنا الكبرى والتهجير، وانخرط في خندق الشيوعيين والوطنيين الشرفاء، السياسي والثقافي، اليومي والقومي، في معركة البقاء تحت نير الحكم العسكري والإقامات الجبرية، ليجد نفسه وشعره يصبّان في القضية الأم، في قضية تحرّر الشعب الفلسطيني، وشتاته في المنافي العربية والأجنبية، وفي المنفى الأكبر، في الوطن الممزق بالحواجز والجدران والأسلاك الشائكة.
كان الشاعر الكبير، في حياته المديدة العريضة، يقاوم نزعة تحويله إلى رمز. لكن شعره، على تنوّع مراحله وتطوّراته وتشكّلاته، من "أوراق الزيتون" إلى "زهر اللوز"، كان يحمل صوت الفلسطيني إلى العالم؛ فصار اسم درويش رديفًا لفلسطين، ولشعب فلسطين، وقضيته العادلة وطنيًا وإنسانيًا وكونيًا. وحقق درويش المعادلة التي يعجز عنها معظم الشعراء، بالجمع بين القاعدة الجماهيرية الواسعة، عربيًا وعالميًا، والإبداع الأدبي الرفيع، الذي كان وسيظل يشغل اهتمام النقاد والبحّاثة العرب وغيرهم لسنين طويلة.
وإن كان ثمة ما يعزينا، فهو أن الشاعر كان لبّى، العام الماضي، دعوة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة وفصلية "مشارف"، لأحياء أمسية شعرية على جبال الكرمل، في مدينته حيفا، التي حملها معها في أسفاره ومنافيه الكثيرة والطويلة، والتي فيها لاقى أهله أحبّاءه وقرّاءه. وكانت لهذه الأمسية التاريخية الرائعة الوقع المميّز على الشاعر الذي رفرف بشعره في بقاع الأرض كلها.
سيبقى درويش، الإنسان والشاعر والمناضل، والرفيق، حاضرًا في وجدان شعبه، وفي سجل الأدباء الخالدين، وفي الذائقة الشعرية العربية والعالمية، عصيًا على الغياب.
عائلة الشاعر الفلسطيني محمود درويش وافقت على الاقتراح الذي قدمه احمد عبد الرحمن امين عام الرئاسة الفلسطينية،
الذي ترأس الوفد الذي زار عائلة الفقيد في الجديدة بدفن جثمان ابنها في قصر الثقافة بجانب المقاطعة في رام الله بالقرب من الرئيس الراحل ياسر عرفات .
هذا ومن المفروض ان يتم تشييع الجثمان المرحوم محود درويش بعد غد الثلاثاء في رام الله، حيث سيصل جثمان الفقيد الى عمان ومن ثم سينقل بواسطة مروحية الى رام الله.
ويفيد مراسل موقع بانيت وصحيفة بانوراما انه من المقرر ان يتم تدشين مكتبة في قصر الثقافة في رام الله تحمل اسم الشاعر الراحل محمود درويش.
===================================================
فقدنا ذراعنا اليمنى .. فقدنا محمود درويش
كم حنّ للأم التي ابتعدت ! وكم غنّى لمن خبزوا الهيام وراحوا! وكم اشتكى من عالم حلو غدا وطم السّواد ، فناحت الاشباح! يا الف اغنية وَأَلْفَ مُقَاوِمٍ هَلْ يَخْتَفِي مِنْ بَعْدِكَ التُّفَاحُ؟ هَلْ يَخْتَفِي اللَّيْمُوْنُ وَالطَّرْخُوْنُ ؟ هَلْ يَا سَيِّدِي تَنْسَى النِّضَالَ جِرَاحُ؟ مَرِضَ الفُؤَادُ فَفِيْهِ أَلْفُ مَدِيْنَةٍ تَعْرَى لَهُ، وَمَدِيْنَةٌ تَجْتَاحُ! فِيْهِ الهَوَى، وَقَبَائِلٌ عَرَبِيَّةٌ فِيْهِ الرَّسُوْلُ، زِيَادُ، وَالسَّفَّاحُ فِيْهِ الطَّرِيْقُ لِعَوْدَةٍ تُقْنَا لَهَا وَقَصَائِدٌ أَلْفٌ، هَوَىً، وَصَلاحُ أَرْضَاً فِلَسْطِيْنِيَّةً أَمْسَى، وَلَنْ يَنْسَى العُرُوْبَةَ عِنْدَمَا يَرْتَاحُ فَعَلامَ نَبْكِي وَالدَّرَاوِيْش ُ اهْتَدَتْ في سِجْنِ صُهْيُوْنٍ، وَزِيْدَ سَمَاحُ؟ وَلِمَ العَزَاءُ عَلَى شَهِيْدٍ زُعْزِعَتْ في حَرْبِهِ العَبَرَاتُ وَالأَتْرَاحُ؟ هَلْ مَاتَ مَحْمُوْدٌ؟ مُحَالٌ، فَالرُّبَا فِيْهَا الخُلُوْدُ لِثَائِرٍ، وَصَبَاحُ!
الله يرحمك
عدل سابقا من قبل zaki5 في الأحد أغسطس 10, 2008 4:23 pm عدل 9 مرات